سورة : 2 - سورة البقرة, اية : 151 - سورة : 3 - سورة آل عمران, اية : 164 - سورة : 33 - سورة الأحزاب, اية : 34
مقدّمة
الآيات الّتي يستشهد بها أصحاب الإختصاص
أصحاب التوكيل الحصري الإلاهي
لإقناع الناس بأنّ الحديث هو الحكمة
1-
كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ
يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ
وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ
وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ
(سورة : 2 - سورة البقرة, اية : 151)
يُعلّم أم يفسّر؟؟
2-
لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ
يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ
وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ
وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ
(سورة : 3 - سورة آل عمران, اية : 164)
يُعلّمهم أم يفسّر لهم ؟؟
وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ
مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا
(سورة : 33 - سورة الأحزاب, اية : 34)
جاءت الحكمة بعد الكتاب فإستغلّ أصحاب الإختصاص ذلك
للتّاكيد على أن الحكمة هي الحديث
لنرى هل القرآن والحكمة منفصلين أم مندمجين؟
1- الحكمة هي القرآن
A-
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الر
تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ
(سورة : 10 - سورة يونس, اية : 1)
القرآن يتحدّث عن:
﴿الْكِتَابِ الْحَكِيمِ﴾
النتيجة واضحة:
الحِكمة متواجدة داخل الكتاب!!!!
وليست شيئًا يُضاف إليه من خارجه!!!!
B-
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الم (1)
تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2)
(سورة : 31 - سورة لقمان, اية : 1 - 2)
مرّة أخرى
نفس التركيب
ونفس الوصف
كتاب حكيم
و ليس سنة حكيمة
ولا حديث نبوي حكيم
المعنى يتأكّد:
الحِكمة ليست مصدرًا مستقلًا
بل صفة ملازمة لكتاب الله.
C-
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يس (1)
وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2)
(سورة : 36 - سورة يس, اية : 1 - 2)
بهذه الصيغة
الربط واضح!!!
والحجّة قرآنية خالصة!!!
والنصّ يتكلّم بنفسه
دون حاجة لأي إضافة!!!
2- هل الكتاب والحكمة منفصلين أم كيان واحد؟
وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ
وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ
وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا
وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ
الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ
يَعِظُكُمْ بِهِ
وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
(سورة : 2 - سورة البقرة, اية : 231)
التدبّر الّذي وصلت إليه سنة 2021م
الحِكمة حاضرة منذ أوّل الآية نفسها.
فالآية لا تبدأ بحكمٍ تشريعي مجرّد
بل بتوجيهٍ أخلاقي متّزن:
إمساكٌ بمعروف
أو تسريحٌ بمعروف
إنه نهيٌ صريح عن الإضرار والاعتداء.
هذا الأسلوب
بهذا التوازن
وبهذه الدقّة في حماية الإنسان
هو الحِكمة بعينها!!!!
ثم يأتي الختم:
﴿وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ
يَعِظُكُمْ بِهِ﴾
ولم يقل لنا الله سبحانه و تعالى:
﴿يَعِظُكُمْ بِهِما﴾
الوعظ هنا بشيءٍ واحد
رغم ذكر الكتاب والحِكمة.
لو كانا كيانين منفصلين
لاستقام اللفظ:
يعظكم بهما!!!!
لكن القرآن دقيق
ولا يضع حرفًا في غير موضعه.
والتفسير المنطقي البسيط
الذي ينسجم مع اللغة
ومع السياق
ومع باقي الآيات:
أن الكتاب والحِكمة كيانٌ واحد!!!!
الكتاب في جوهره حكيم!!!!
والحِكمة ليست وحيًا موازيًا!!!!
ولا مصدرًا مستقلًا!!!!
بل روح الكتاب من أوّله إلى آخره!!!!
صفةٌ داخلة في الكتاب نفسه!!!!
وهكذا
يجيب القرآن عن السؤال
دون وسطاء
ودون حاجةٍ لإضافةٍ من خارج النص.
إكتشفت تـأويلا آخر
أخبرني به صديق في 29-06-2022
يعظكم به تعود على عبارة ما أنزل عليكم
وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ
يَعِظُكُمْ بِهِ
==> يعظكم بما أنزل عليكم
لكنّ الآيات التالية
تعزّز من صحّة الفرضية الأولى
A-
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ
وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ
(سورة : 8 - سورة الأنفال, اية : 20)
لو كانت الهاء تعود على فعل أطيعوا
لكان الآية ستصبح كالتالي
أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ
وَلَا تَوَلَّوْا عَنْها (عن الطاعة) وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ
هذا يعني أنّ الهاء تعود على الله و رسوله
B-
يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ
وَاللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ
إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ
(سورة : 9 - سورة التوبة, اية : 62)
الهاء تعود على الله و رسوله
C-
إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8)
لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ
بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9)
(سورة : 48 - سورة الفتح, اية : 8 - 9)
الهاء تعود على الله و رسوله
D-
وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ
إِنْ هُوَ
إِلَّا ذِكْرٌ
وَقُرْآنٌ مُبِينٌ
(سورة : 36 - سورة يس, اية : 69)
إن هو و ليس إن هما !!!!!!
هو تعود على الذّكر و القرآن
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ
قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا
يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ
وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ
قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15)
يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ
وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ
وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)
(سورة : 5 - سورة المائدة, اية : 15 - 16)
يهدي به و ليس يهدي بهما
النور و الكتاب شيء واحد
خلاصة
الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ
به تعود على القرآن و الحكمة معا
فلا يجوز فصل الحكمة عن القرآن و نسبها للسنّة
لم يقرنها الله بالسنّة نهائيا لا من قريب و لا من بعيد
3- أوحى الله لنبينا الحكمة في القرآن
1- لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (22)
وَقَضَى رَبُّكَ
2- أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ
3- وَ بِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا
إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا
a- فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23)
b- وَ اخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ
c- وَ قُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)
رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25)
4- وَ آتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ
5- وَ لَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)
6- وَ إِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا
فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28)
7- وَ لَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ
وَ لَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ
فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)
إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30)
8- وَ لَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)
9- وَ لَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32)
10- وَ لَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ
وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33)
11- وَ لَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ
12- وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34)
13- وَ أَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ
14- وَ زِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (35)
15- وَ لَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36)
16- وَ لَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (37)
كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (38)
ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ
مِنَ الْحِكْمَةِ
17- وَ لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا (39)
(سورة : 17 - سورة الإسراء, اية : 22 - 39)
وبعد هذا السيل من الأوامر والنواهي!!!!
من التوحيد
وبرّ الوالدين
وحفظ النفس
وصيانة المال
وضبط الشهوة
واحترام العهد
والعدل في الميزان
وتحرير العقل من الظنّ والغرور،
يأتي الختم الحاسم:
﴿ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ
مِنَ الْحِكْمَةِ﴾
أي أن كلّ ما سبق
بهذا العمق
وبهذا التوازن
وبهذا الحسّ الإنساني الرفيع
هو حِكمة موحى بها!!!!
مغروسة في نسيج القرآن نفسه!!!!
ثم يُعاد التوكيد مرّة أخرى:
﴿وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ
فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا﴾
وكأن الدائرة تُغلَق بإحكام!!!!
من التوحيد بدأت
وإليه تعود.
حِكمٌ قرآنية
لا تُقدَّر بثمن
لم تُنزَل لتُحفَظ فقط
بل لتُعاش
وتُمارَس
وتبني إنسانًا سويًّا
ومجتمعًا متوازنًا!!!!
وهكذا
يتبيّن أن الحِكمة
لم تُلحَق بالقرآن
بل كانت فيه من البداية!!!!
4- الذّكر المتواجد داخل القرآن ذكر حكيم
A- الذّكر متواجد ضمن القرآن!!!!!!
1-
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ص وَالْقُرْآنِ
ذِي الذِّكْرِ
(سورة : 38 - سورة ص, اية : 1)
2-
إِنْ هُوَ
إِلَّا ذِكْرٌ
وَقُرْآنٌ مُبِينٌ
(سورة : 36 - سورة يس, اية : 69)
الذّكر يوجد ضمن أو ينتمي
إلى الكتاب الإلاهي
B- الذّكر المتواجد ضمن القرآن ==> حكيم
ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ
وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ
(سورة : 3 - سورة آل عمران, اية : 58)
الذِّكر متواجد داخل القرآن!!!
الذِّكر موصوف بالحِكمة!!!
إذًا
الحِكمة متواجدة في القرآن!!!!
لا خارجه!!!!
ولا موازية له!!!!
ولا بحاجةٍ إلى وسيط!!!!
5- هل الكتاب حكيم أيضا؟؟
لقد وصف الله:
القرآن بالحكمة
ووصف الذِّكر بالحِكمة
فهل وصف الكتاب أيضًا بالحِكمة؟
وماذا عن السُّنّة؟
هل وُصفت يومًا في القرآن بالحِكمة؟
هذا ما سنكتشفه في النقطة المفصلية التالية:
نقرأ في الآية : 151 من سورة البقرة
كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ
يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ
وَيُعَلِّمُكُمُ
الْكِتَابَ وَ الْحِكْمَةَ
وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ
(سورة : 2 - سورة البقرة, اية : 151)
ولكي نفهم العبارة
وَيُعَلِّمُكُمُ
الْكِتَابَ وَ الْحِكْمَةَ
على حقيقتها!!!!!
علينا أن نتوقّف لحظة عند حرفٍ صغير
لكنّه يصنع فرقًا كبيرًا
حرف الواو.
فالواو في لغة القرآن
لا تعني دائمًا التعدّد
ولا تفترض بالضرورة مصدرين مختلفين!!!!!
بل كثيرًا ما تجمع بين شيئين
في معنى واحد
أو في حكم واحد
و تسمى واو العطف!!!!!
وهذا الأسلوب ليس استثناءً
بل هو أسلوب قرآني متكرّر!!!!!
انظروا مثلًا إلى قوله تعالى:
وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ
إِنْ هُوَ إِلَّا
ذِكْرٌ وَ قُرْآنٌ مُبِينٌ
(سورة : 36 - سورة يس, اية : 69)
هل الذِّكر شيء
والقرآن شيء آخر؟
أم أن اللفظين يشيران إلى حقيقة واحدة؟
الجواب واضح من السياق:
إنه القرآن نفسه.
و بالتالي فإنّ الواو هي واو العطف
وفي موضع آخر يقول تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
طس
تِلْكَ
آيَاتُ الْقُرْآنِ وَ كِتَابٍ مُبِينٍ (1)
هُدًى وَ بُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)
(سورة : 27 - سورة النمل, اية : 1 - 2)
فالقرآن، والكتاب، والهدى، والبشرى
أوصاف مختلفة لنصّ واحد
اجتمعت بالواو
لا لتُفرّق،
بل لتُبيّن.
و بالتالي فإنّ الواو هي واو العطف
ثم يقول سبحانه أيضًا:
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ
قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا
يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ
وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ
قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ
نُورٌ وَ كِتَابٌ مُبِينٌ
(سورة : 5 - سورة المائدة, اية : 15)
فهل النور غير الكتاب؟
أم أن النور هو الكتاب نفسه؟
بطبيعة الحال
النور هو الكتاب!!!!
مرة أخرى
المعنى واحد
والواو واو جمعٍ لا تعدّد!!!!
إنها واو العطف!!!!
والآن
بعد أن اتّضح الأسلوب القرآني،
نعود إلى الآية
التي يدور حولها الجدل:
كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ
يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ
وَيُعَلِّمُكُمُ
الْكِتَابَ وَ الْحِكْمَةَ
وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ
(سورة : 2 - سورة البقرة, اية : 151)
على ضوء كلّ ما رأيناه
لا تعود هذه العبارة غامضة
ولا تحتمل الفصل القسري.
فالواو هنا هي نفسها
واو العطف
والكتاب والحِكمة
ليسا مصدرين منفصلين
بل حقيقة واحدة بوجهين:
كتابٌ
موصوفٌ بالحِكمة!!!!
هل تلمسون جمال تدبّر القرآن
أم أنا وحدي من يشعر بذلك؟
فالمعنى يستقيم
ويبلغ تمامه
حين يُقرأ بقلبٍ هادئ
وعقلٍ حرّ!!!!
خلاصة
يصف الله:
القرآن بالحكمة
الذِّكر بالحكمة
الكتاب بالحكمة
ولم يصف السُّنّة بهذا الوصف البتّة.
فالسؤال المشروع الذي يفرض نفسه:
هل نسي الله هذه المعلومة؟
أم أن القرآن
الكامل المفصّل
لم يترك مجالًا لهذا الخلط أصلًا؟
6- جاء نبيّنا الحبيب عيسى بالبيّنات الحكيمة
وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ
قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ
وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ
(سورة : 43 - سورة الزخرف, اية : 63)
لاحظوا الدقّة
لم يقل عيسى عليه السلام:
جئتكم بنصوصٍ موازية
ولا بمصدرٍ خارج الوحي
بل قال بكل وضوح:
«قد جئتكم بالحِكمة»!!!!!
ثم ربط الحكمة مباشرةً
بالتبيين،
وبرفع الاختلاف!!!!!
وهكذا نفهم أن الحِكمة
في منطق القرآن
هي جوهر البيّنات نفسها!!!!!
وليست شيئًا يُضاف إليها من الخارج!!!!!
7- هل يختص الله الحكمة بالأنبياء فقط؟
a-
وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ
أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ
وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ
وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ
(سورة : 31 - سورة لقمان, اية : 12)
فالسؤال البسيط هنا:
هل أوتي لقمان الحِكمة أم السُّنّة؟
وإن كانت الحِكمة تعني السُّنّة،
فأين سُنّة لقمان؟
وأين دُوِّنت؟
وأين نُقلت؟
b-
فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ
وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ
وَآتَاهُ اللَّهُ
الْمُلْكَ
وَالْحِكْمَةَ
وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ
وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ
وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
(سورة : 2 - سورة البقرة, اية : 251)
فهل أُوتي داود السُنّة؟
أم فَهْمًا وعدلًا
وبصيرةً في الحكم
وهدايةً في استعمال القوّة؟
c-
أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ
فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ
الْكِتَابَ
وَالْحِكْمَةَ
وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا
(سورة : 4 - سورة النساء, اية : 54)
الكتاب شيء
والحِكمة شيء ملازم له!!!!
لا تراثًا شفهيًا مستقلًا عنه!!!!
ثم تأتي الآية الفاصلة
التي تخرج الحِكمة
من أي احتكار!!!!
d-
يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ
وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ
فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا
وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ
(سورة : 2 - سورة البقرة, اية : 269)
ولو كانت الحِكمة هي السُّنّة
لصار المعنى:
يؤتي السُّنّة من يشاء
ومن يُؤتَ السُّنّة فقد أوتي خيرًا كثيرًا.
فهل هذا معقول؟
وهل يستقيم مع منطق القرآن ولغته؟
القرآن يجيب بنفسه:
الحِكمة ليست حكرًا!!!!
ولا امتيازًا طبقيًا!!!!
ولا روايةً محفوظة!!!!
بل عطاءٌ إلهي
لكل من يفتح عقله وقلبه!!!!
الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ
أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ
وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ
(سورة : 39 - سورة الزمر, اية : 18)
وهنا تُغلق الدائرة بهدوء:
لا آية واحدة
ولا موضع واحد في القرآن
يدلّ على أن الحِكمة هي السُّنّة!!!!
الحِكمة في القرآن
نور
وفهم
وبصيرة
ومسؤولية عقل
يمنحها الله
لمن شاء، متى شاء!!!!
بشرطٍ واحد فقط:
أن يكون من أولي الألباب.
وهذا
هو العدل الإلهي في أبهى صوره.
لا شيء يدلّ على أنّ
الحكمة هي السنّة